عرفت ولايات الجنوب تذمرا واستياء شديدين تزامنا مع الفتح التدريجي لمرافق للترفيه والنزهة عبر الوطن، وعودة الحياة الى نسقها الطبيعي، حيث أن معظم هذه المناطق تشهد نقصا كبيرا في فضاءات التسلية واللعب والنزهة العائلية التي تكاد تكون منعدمة الا من بعض الاستثناءات في هذه الولاية أو تلك ما يجعل منها صحراء قاحلة من اي مرفق ترفيهي عائلي محليا

هذا الأمر خلق ضجرا كبيرا لدى المواطنين، الذين يبحثون عن أبسط الإمكانيات والأماكن، من أجل الترويح عن أنفسهم خصوصا بعد صدور بيان يخص عملية فتح مرافق التسلية على المستوى الوطني، الأمر الذي أثار ضجة وسخرية من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك لعدم توافرها اصلا واقتصارها على الملاعب الجوارية إن وجدت ودور الثقافة والشباب والمراكز الثقافية التي توصد ابوابها طيلة فترة الصيف الطويلة في حين يتمحور نشاط مديريات الشباب والرياضة في فترة العطلة على تنظيم المخيمات الصيفية وتقتصر هذه الاخيرة على الفئات المعوزة وذوي الدخل الضعيف حيث يخص هؤلاء برحلات الى شواطئ البحر لمدة أسبوعين على الاكثر لتبقى بقية شهور العطلة الصيفية الطويلة دون اي نشاط أو فرصة لملئ الفراغ أو الترفيه المفيد

سياحة عائلية محلية
ومن هذا المنطلق أصبح من الضروري التأسيس لسياحة صحراوية عائلية تعود بالنفع على سكان الصحراء بالدرجة الاولى وتواكب التغيرات المناخية والديمغرافية والتكنولوجية التي تجعل من خلق مساحات وفضاءات للاستجمام والترفيه ضرورة حيوية بعد أن اختفى مشروع تعميم إنشاء قرى للترفيه والتسلية بمختلف ولايات الجنوب والهضاب العليا الذي اعلن عنه الهادي ولد علي، وزير الشباب والرياضة الاسبق حيث تم أنذاك إنشاء وحدة للوكالة الوطنية لتسلية الشباب التابعة لوزارة الشباب والرياضة بولاية إليزي وكان يفترض أن تعمل على عملية تعميم مشروع هذه القرى عبر مختلف بلديات ولاية إيليزي وذلك في إطار الاستثمار من أجل توفير فضاءات ترفيهية أخرى بالبلديات الأخرى ومن ثمة على باقي ولايات الجنوب والمناطق المعزولة.

https://www.radioalgerie.dz/news/ar/article/20171222/129377.html
ولا يختلف اثنان في ان هذه المناطق لم تعط حقها من الاكتشافات والبحوث، فعلى مستوى الصحراء بأكملها من شرقها إلى غربها، ولولا جهود أفراد المجتمع المدني، وهواة التخييم والاستكشاف، الذين يحاولون جاهدين إظهار كل جانب منها، تغيب سياسة عمومية لاستغلال الحظائر الثقافية والتعريف بها لدى الناشئة على غرار الطاسيلي نازجر وسفار المتواجدة بقلبها على سبيل المثال لا الحصر هي مناطق دخلت تراث الانسانية ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمي

وتعد الصحراء الجزائرية وجهة عالمية للسياح من كل دول العالم، ورغم بعد مكانها وصعوبة الوصول إليها، إلا أن ذلك لم يكن عائقا أمام عشاق اكتشاف الأماكن الجديدة يوما
كما تعرف مدينة غرداية العريقة، بقصورها ذات التصميم البارع، وطابعها المعماري المتميز إقبالا كبيرا للسياح ، أما ورقلة برمالها الذهبية وقصورها العتيقة، بالإضافة إلى معالمها الأثرية وواحات النخيل بشكل خاص التي تبهر كل من يراها لشموخ نخيلها العالية فلا زالت وجهة سياحية مجهولة عند عموم الجزائريين فما بالك بالاجانب

مبادرات فردية
ومن أجل التعريف بهذه المعالم الطبيعية الأثرية، سعى النشطاء إلى ترقية النشاطات السياحية، بالإضافة إلى الترويج للمناطق الصحراوية بالجزائر عالميا، والعمل على تصنيف مواقعها الأثرية وحمايتها، كما أصبح هناك عديد الصفحات والمجموعات التي تروج لمثل هذه النشاطات، من خلال التعريف بالمناطق بالصحراوية، وجمالها، و نشر صور خاصة بكل منطقة، وتنظيم خرجات محلية ووطنية، ودولية في بعض الأحيان، من أجل ترسيخ ثقافة السياحة والتخييم في الصحراء الجزائرية بشكل خاص

وللسياحة دور في التأثير على الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال مقدار ما ينفقه السائح مقابل الخدمات أثناء رحلته لزيارة المواقع الأثرية والتاريخية، حيث يعد هذا الجانب إيرادا للوحدات الخدمية العاملة في مجال السياحة، والمرجو من خلالها العمل على تطوير السياحة بشكل خاص في الجزائر بإنشاء صناعة سياحية حقيقية، والتي يرجى منها آثار اقتصادية واجتماعية وثقافية، وبذل جهود واضحة الاهداف يكون الانسان محورها، وذلك من خلال التعاون بين الأطراف المعنية بترقية السياحة، وهي الديوان الوطني للسياحة، الخطوط الجوية الجزائرية، بالإضافة إلى أصحاب الفنادق وغيرهم، من أجل تحسين محيط القطاع السياحي وتوفير نشاطات وفضاءات للعب والاستجمام والاستمتاع بالطبيعة واكتشاف المعالم والمواقع الاثرية فضلا عن العادات والتقاليد والصناعات التقليدية والعادات الغذائية لهذه المناطق التي لازالت كنزا مكنونا قل من يعرف تفاصيله